Site icon جريدة حواء

نبوية موسى رائدة التعليم في مصر

سنعرض لك شخصية نبوية موسى ونشأتها وكفاحها وابرز اسهاماتها للمساهمة في تعليم الفتيات في مصر مع ذكر بعض أراءها في المواضيع الشائكة وانتقاد البعض لها

نبوية موسى , نشأة نبوية موسى , تاريخي بقلمي , التحاق نبوية موسى بالمدرسة , نظرة نبوية موسى الدونية للرجل

نبوية موسى رائدة تعليم الفتيات في مصر وأول ناظرة مدرسة مصرية

تعد شخصية نبوية موسى من ضمن أكثر الشخصيات النسائية الجدلية، فعلى الرغم من أنها ساعدت المرأة في الحصول على العديد من حقوقها والتي من أبرزها حق التعليم إلا أنها في نفس الوقت أثارت علامات استفهام حول آراءها في العديد من الموضوعات ولهذا فقد قررنا ان تكون أول شخصية فى جريدة حواء من خلال حواء في التاريخ.

نشأة نبوية موسى وفترة طفولتها

ولدت نبوية موسى محمد بدوية في شهر ديسمبر وتحديدًا في يوم 17 من الشهر وذلك في عام 1886م في قرية كفر الحكما التابعة لمركز بندر الزقازيق بمحافظة الشرقية لأسرة ميسورة الحال فكان أباها ضابطاً في الجيش المصري، ولكن القدر لم يحالفها في اللقاء به بسبب موته، بعد وفاة والدها انتقلت هي ووالدتها وأخيها الذي يكبرها بعشرة سنوات إلى القاهرة من أجل التحاق أخيها بأحد مدارس القاهرة، بدأت نبوية تتلقى العلم على يد أخيها فقد كان معلمها الأول وداعمها في التعلم، وقد تعلمت تحت إشرافه القراءة والكتابة وأساسيات اللغة الانجليزية، أما مبادئ علم الحساب فقد تعلمتها من تلقاء نفسها.

اصطدام مع تقاليد المجتمع الشرقي

عند وصول نبوية موسى إلى سن الثالث عشر تطلعت إلى الإلتحاق بأحد المدارس الحكومية من أجل تلقى العلم بطريقة صحيحة، ولكن هذه الآمال والطموحات هدمتها تقاليد الأسرة المصرية آن ذلك فقد قال لها عمها كما ذكرت في كتابها “تاريخ بقلمي” أنا البنت للغزل وليس للخط والعلم، وعلى الرغم من كافة هذه العقبات التي واجهتها إلا أنها لم تقلل من عزيمتها وإصرارها على تحقيق هدفها في الإلتحاق بالمدرسة.

كيفية التحاق نبوية موسى بالمدرسة

“الغاية تبرر الوسيلة” بتطبيق هذا الشعار تمكنت نبوية موسى من الإلتحاق بالمدرسة السنية للبنات بالقاهرة، فقد ذهبت متنكرة في رداء سيدة انتحلت دور أم جائت إلى المدرسة لتقديم طلب التحاق ابنتها في المدرسة، ولكن إدارة المدرسة أبلغتها أن تقديم الطلب يجب أن يكون حاملًا لختم ولي الأمر، لذلك فقد اضطرت نبوية إلى سرقة ختم والدتها لاستكمال خطوات التقديم المعقدة، ومن أجل دفع مصاريف المدرسة اضطرت مرة ثانية إلى سرقة سوار من الذهب من أجل بيعه لدفع المصاريف، وبذلك وبكل أصرار نجحت نبوية في الحصول على دبلوم المعلمات بعد أن خضعت للتدريب في مجال التدريس لمدة عامين متتاليين ثم تم تعيينها مدرسة في مدرسة عباس الأول الابتدائية للفتيات.

من أجل 6 جنيهات أكثر حصلت على البكالوريا

كان راتب نوبية موسى عند تعيينها  هو ستة جنيهات، وعلى الرغم من أن مرتب المعلم الرجل كان الضعف أي أثنى عشر جنيهًا إلا أنها اعترضت على هذه التفرقة وكان الرد قاطعًا من وزارة المعارف بأن  المعلمين من الرجال يمتازون عنها بأنهم حاصلين على شهادة البكالوريا وهي تشبه شهادة الثانوية العامة في وقتنا الحديث على عكسها فهي حاصلة على شهادة الإبتدائية فقط، هذا الرد جعل نوبية موسى غاضبة جدًا وقد عزمت أمرها على الحصول على شهادة البكالوريا، واستعدت لها بمجهودها الذاتي  لاسيما أنه لم يكن هناك مدارس  ثانوية للفتيات، وبعد اجتهاد شاق تقدمت للإمتحان متحدية بذلك العرف وقواعد التعليم التي أقرها مستشار التعليم الإنجليزي في مصر دانوب مما أثار حالة من الاندهاش والضجة الكبيرة، على اعتبار أنها أول فتاة مصرية تعزم على الحصول على هذه الشهادة، وبالفعل عقد امتحان خاص لها، ورغم هذه الرهبة وحالة الطوارئ لم تفقد الحزم والأصرار بل زادها تحدياً للوصول لهدفها، وبالفعل تمكنت موسى من الحصول على شهادة البكالوريا في عام 1909 م. لتكون أول امرأة مصرية تحصل على تلك الشهادة العلمية.

نبوية موسى أول سيدة تتولى منصب نظارة أحد المدارس الحكومية

نبوية موسى أول سيدة تتولى منصب نظارة أحد المدارس الحكومية

استمرت نبوية موسى في منصبها كمعلمة لمادة اللغة العربية حتى عام 1910،حيث تم ترقيتها لتصبح أول امرأة مصرية تتولى مسئولية نظارة مدرسة فقد وكل لها إدارة مدرسة المحمدية الإبتدائية للفتيات التابعة لمحافظة الفيوم، والتي استمرت بها حتى قام السيد أحمد لطفي السيد بتزكيتها لتتولى منصب ناظرة مدرسة المنصورة للفتيات، وقد نجحت بأن تكون سببًا محوريا في أن تحصل المدرسة على المركز الأول، وقد ظلت تندرج في المناصب داخل نطاق وزارة المعارف حتى تمكنت من أن تصبح كبيرة المفتشات، ولكنه تم فصلها من هذا المنصب عام 1926 بحجة تشددها في تطبيق القواعد الأخلاقية.

نظرة نبوية موسى الدونية للرجل ورفضها الزواج

“أنا اكرهه واعتبره قذارة وقد صممت ألا ألوث نفسي بتلك القذارة” بهذه الجملة أبدت نوبية موسى رأيها في فكرة الزواج، وقد تزايد اقتناعها وتصميمها بهذا الرأي خاصة بعد أن رأت رجلا يتشاجر مع امرأة في الطريق، وقد وصل حد الشجار حتى قال لها بمنتهى السفه امرأة مثلك اقضي في جوفها حاجتي” ومن بعدها أصبحت نبوية تكره فكرة الزواج اجمالًا وتفصيلًا.

وعلى الرغم من إبدائها هذا الرأي بصورة علنية إلا أنه تقدم لخطبتها ثلاث رجال أولهما كان مأمور يعمل في السودان، وقد انجذب إليها من خلال ما كتب عنها في الصحف، أما العريس الثاني فكان مهندساً قد قرأ أحد محاضراتها التي كانت تحضرها في الجامعة المصرية، والأخير كان كمسري في السكة الحديد، والأمر الفكاهي في هذا العريس أنه قد أمهلها مهلة لمدة أربع وعشرين ساعة للرد عليه مما جعلها تندهش من جرأته وتقول “هذه إهانة لا يغسلها إلا الدم ‘.

آراء نبوية موسى في الموضوعات الشائكة

كانت نوبية موسى تعاني من العديد من علامات الاستفهام بسبب كونها تقوم بإبداء العديد من الآراء المتناقضة نحو العديد من القضايا الشائكة في المجتمع المصري في القرن العشرين، وجميع هذه الآراء المضاربة مع بعضها البعض جعلها شخصية متناقضة إلى حدًا كبير وأبرز هذه الآراء:

حيث أنها صرحت أنه من المستحيل أن تقوم المرأة بأعمال نافعة إذا كانت تحت ضغط الحجاب، ومن منطلق ذلك فقد اعتبرها البعض من أنصار السفور، المتناقض في ذلك الرأي هو كونها اعتادت طوال حياتها أن ترتدي ثوب أسود يشبه التايير و جورب أسود وتربيون أسود يغطي الشعر، ولم يتوقف هذا التناقض عند هذا الحد فقد صرحت الدكتورة نوال السعداوي في مذكراتها “أوراق حياتي” والتي كانت من ضمن تلاميذها في المدرسة أنها كانت تجبرهم على ارتداء هذا اللون الأسود من قمة الرأس وصولاً إلى أخمص القدمين هذا التشديد الغير منطقي جعل الطلاب يطلقون عليها لقب بعبع أفندي خاصة أنها كانت تمشي بطريقة تشبه ميس هيمر والتي كانت ناظرة انجليزية في ذلك الوقت.

ورأيها الآخر والذي هو شديد التناقض أيضاً أنها كانت من ناصري العلمانية حيث اعتادت على قول أن الدين لله والوطن للجميع، ويأتي التناقض في كونها في الوقت ذاته تقوم برفع شعار الدولة الإسلامية بالإضافة إلى دعوتها المستمرة إلى اعتبار الملك فاروق خليفة للمسلمين.

أبرز الإسهامات التي قدمتها نبوية موسى طوال حياتها

وفاة نبوية موسى

استمرت نبوية موسى تسعى إلى تحقيق جميع الأهداف النسائية التي كانت تتطلع إليها، حتى وافتها المنية في عام 1931م تاركة ثروة أدبية لا يمكن إغفالها، وقامت الدولة بتقدير إسهاماتها بتشييد مدرسة تجريبية خاصة للبنات تحمل إسمها في محافظة الإسكندرية وتحديدًا في منطقة محرم بك.

في ختام المقال اسمح لي أيها القارئ بإيجاز أن أبدي رأيي الشخصي في هذه الشخصية، علمًا بأن هذا الرأي هو مجرد رأي شخصي ويتمثل في أن هذه الشخصية ضحية لقيود المجتمع المصري في ذلك الوقت هذه القيود التي استهدف المرأة وجعلتها ترفع شعار” كل المفروض مرفوض” سواء كان إيجابي أو سلبي، مما جعل معظم آرائها متطرفة وغير منطقية بالإضافة لأنها تحمل العديد من المتناقضات كما أسلفنا الذكر.

Exit mobile version